اكبر مدونة مشاهدة بالمملكة

03‏/03‏/2013

- الجامعات السعودية تبحث التعاون مع الجامعات الاجنبية للنهوض بالتعليم بالمملكة من خلال التعليم عن بعد


الجامعات السعودية: دراسة لنظام في مرحلة التطور
خالد السلطان
مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن

بحث حول التعاون مع الجامعات الاجنبية بالتعليم عن بعد

أرحب بالجميع بهذا المؤتمر وأبدأ بالشكر لمعالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري لاختيار موضوع هذا المؤتمر، واعتقد أنه موضوع مهم أتى في وقته المناسب وفي مرحلة من تاريخ المملكة العربية السعودية نتحاور فيه حول الجامعات الرائدة عالميا. ونيابة عن زميلي الدكتور محمد العوهلي أود أن اشكر اللجنة المنظمة لدعوتنا لتقديم لمحة حول تطور التعليم العالي في المملكة العربية السعودية ونظامها.
سأتحدث بإيجاز عن المملكة العربية السعودية معطياً لمحة حولها ثم النظام الذي تنفذه في تعليمها العالي، ثم أترك الجزء الأكبر للدكتور محمد العوهلي ليتحدث عن الخطط والتطورات. لا أظن أن أحدا بإمكانه الحديث عن التعليم العالي دون ربطه بالتاريخ والجغرافيا والسكان والاقتصاد والجوانب الأخرى التي يصعب تعدداها الآن، وأكثركم خاصة ممن لا يعرفون المملكة العربية السعودية قد يحتاجون إلى مثل هذه اللمحة حول الملكة العربية السعودية وجغرافيتها وطبيعتها السكانية واقتصادها. المملكة بلد ضخم ينتشر على مساحة مليون كم مربع، وبه ثلاثة عشر منطقة، وخلال العقود الخمسة الماضية استمتعنا بنماء كبير في جوانبنا الاقتصادية شمل نمو أو نسبة سكان المناطق المتحضرة إلى أكثر من 40%.
70% تقريبا من سكان المملكة العربية السعودية تقل أعمارهم عن 30 سنة من نسبة السكان العامة، ونحن نعتقد أن السبب في ذلك يعود إلى الطبيعة الديموغرافية للسكان، حيث ينتشرون في مناطق متوزعة في المملكة، وهو ما سنتناوله في حديثنا هذا.
في وقت لاحق سوف أتحدث عن تأسيس الجامعات في مختلف مناطق المملكة وسأوضح كيف أننا لا نتوقف عن السير تجاه ذلك المسار، إذ نعتقد أنه أمر ضروري لتحقيق الهجرة العكسية للمناطق التي باتت تعاني من فقدان الخدمات أو ضعفها، خاصة مناطق بعينها.
وكما ترون الآن أن معظم دخل الدولة، كما أوضح معالي الوزير في حديثه عند افتتاح هذا المؤتمر صباح هذا اليوم، يأتي من النفط، وهذا يجعل من المهم للملكة العربية السعودية تنويع اقتصادها وأن تتحرك بعيدا عن الاعتماد الكامل على النفط كمورد أساس للاقتصاد. وصبحت المملكة العربية السعودية أكبر اقتصاد في المنطقة، ومصنفة في الموقع 11 على مستوى العالم في سهولة الأعمال، واعتمادها على النفط قادها إلى مجال البتروكيماويات والصناعات المشتقة من النفط، وهناك اهتمام كبير بخدمات التعليب والتطبيق.
كما أن لمملكة العربية السعودية مصنفة في الموقع 64 في نمائها واعتمادها على الاقتصاد النفطي، ونحن بذلك نحتاج إلى تحويلها إلى بلد قائم على الاقتصاد المعرفي، ومن المهم جدا الحديث عن السكان عندما نتحدث عن التعليم العالي. وكما ترون فإن نمو السكان في المملكة العربية السعودية تزايد بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وهذا يحتم علينا أن نضع في حسباننا ما ينبغي عمله لتحقيق خدمة متوازنة لهذه الأرقام المتنامية من عدد السكان، وبالذات مع صغر سن النسبة الكبرى منهم.
ففي عام 1970م وضعت المملكة خطة خمسية، وفي هذا العام نكون في العام الثاني من الخطة الخمسية التاسعة للتنمية في المملكة، وقد اخترنا بعض المقاطع من هذه الخطة لكي نعكس كيف تحولت المملكة اقتصاديا وبالذات في الجانب المعرفي والتعليمي. الخطة تشجع القطاع الخاص لتعزيز خدمات البحث والتطوير للوصول إلى نسبة 23% من الاقتصاد الوطني، والمملكة لها خطة طموحة لرفع نسبة الاقتصاد والصناعات المرتبطة بالتقنية إلى 45% من اقتصادها، وبذلك فهي تشجع مشروعات الابتكار في اقتصادها وطريقة عملها. وتشتمل الخطة أيضا التركيز على العلوم والرياضيات في التعليم والتربية وزيادة الاهتمام بالتعليم، وتوضح هذه الأرقام كما سمعنا من معالي الوزير صباح هذا اليوم أنه في عام 2000 أنفقت المملكة 1.2والعام الماضي 2.1 من اقتصادها على هذا الجانب، وعندما تربط هذا بالنمو السريع للاقتصاد السعودي فإن هذا يعكس كم ينبغي علينا إنفاقه على البحث والتطوير. فالجامعات السعودية ومدينة الملك عبد العزيز للتقنية تعملان سويا على خطة وطنية للتقنية والتعليم والعلوم، ووضعت كذلك خطة على مدى 15 عاما لنقل الاقتصاد السعودي من الاعتماد على النفط إلى الاعتماد على المعرفة، وتستهدف في عام 2012 الوصول إلى تلك الغاية، وتحقيق ما تسعى إليه من ربط اقتصادها بالجوانب التعليمية والمعرفية التي تشكل المستقبل لعام 2016 ، حيث ستركز على جوانب أو موضوعات معينة في مجالات بحثية تحتاجها البلاد أو تسعى للاعتماد عليها، وفي هذه المرحلة نستهدف في عام2020 الوصول بابتكاراتنا وصناعتنا ليكون لها دور عالمي في جميع أنحاء العالم.
في المملكة بالذات لا يمكن لأحد أن يتحدث عن التعليم العالي دون أن يتحدث عن موضوعات وقطاعات أخرى في المجتمع والسوق المحلى، فحين تعمل وزارة التعليم العالي والجامعات على تطوير التعليم العالي ونظامه فإنهم يدركون ويعرفون أهمية التنسيق مع الكثير من قطاعات الدولة والقطاع الخاص، للتأكد من الحصول على المعلومات حول موائمة مخرجات هذه البرامج مع متطلبات سوق العمل من الناحية الاقتصادية والصناعية. وفي المملكة العربية السعودية فإن الاقتصاد الصناعي القائم على المعرفة يعتمد بشكل كبير على ربط هذه البرامج بمرئيات وزارة العمل والمؤسسات العامة للتدريب المهني والتقني، وكذلك ربط هذه البرامج ببرنامج تطوير في وزارة التربية والتعليم ووزارة التجارة. وتمثل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية نموذجا يعكس طبيعة هذه العلاقة بالإضافة إلى الخطط الأخرى والبرامج والمبادرات، مثل جمعية موهبة التي تهتم بسلك التعليم.
ولا اعتقد أنه يمكن لأحد تطوير التعليم أو يتأكد من أن جامعاته وصلت للريادة العالمية دون الحديث عن العناصر التي ترتبط بهذه القضية. لذلك سأتحدث عن نظام التعليم العالي السعودي. فوزارة التعليم العالي السعودية تختلف عن كثير من وزارات التعليم العالي في العالم من ناحية أنها تعمل بوصفها النظام الضابط والمنسق للبرامج، وهو دور مختلف عن وزارة التربية في أمريكا على سبيل المثال، حيث أن دورها يقوم على أساس تنسيق العلاقة ما بين الجامعات السعودية ومتطلبات التنمية الوطنية، إضافة إلى الجوانب التمويلية والجوانب التخطيطية التي تسير عليها الجامعات لتقديم خدماتها للمواطنين، وتعمل هذه الوزارة أيضا كجهة إشرافية على عمل الجامعات وترون هنا كيف يختلف هذا النظام عن أنظمة وزارات التعليم العالي في الدول الأخرى. الجامعات الخاصة والجامعات الحكومية تناقش ميزانيتها مع وزارة التعليم العالي قبل إقرارها من وزارة المالية، وهنالك في الحقيقة الكثير من الإدارات والأقسام التابعة لوزارة التعليم العالي المرتبطة بضبط عمل مؤسسات التعليم العالي، ووضع اللوائح المنظمة لعملها وربطها بأهداف وسياسيات التعليم المرعية في الملكة. وهناك على سبيل المثال المركز الوطني للتعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني والهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي ومركز إحصاءات التعليم العالي الذي يعنى بتقديم المعلومات والبيانات لخدمة التخطيط. ويوجد أيضا صندوق التعليم العالي ومركز البحوث بوزارة التعليم العالي الذي يُعنى بالتخطيط للتعليم العالي، كما يوجد أيضا مركز القيادة الأكاديمية التابع لوزارة التعليم العالي والذي اتخذ من جامعة الملك فهد مقرا له.
وسأعرض ما حدث خلال السنوات الثلاثين الماضية حتى وصولنا إلى العام المستهدف وهو عام 2025 م. نعتقد أنه منذ عام 1980 إلى 1995 كان هناك نمو كبير في عدد السكان والاقتصاد، وتوسع في التعليم العام، وسرني كيف أثر ذلك على مستوى الطالب وعلى مستوى التعليم العالي في المملكة. فعلى سبيل المثال، في عام 1980 كان هناك خريج واحد من كل 80 مواطن ممن يتخرج من الثانوية العامة، ثم نمى هذا الرقم إلى 2 من كل 10، ثم 5 من كل 10 ، وفي الأعوام الأخيرة وصلت النسبة إلى رقم أكبر بكثير. هذا يضع التعليم العالي أمام معضلة ترتبط بحجم إجابة الطلب على التعليم العالي مما يتطلب الكثير من التنسيق بين العرض والطلب على خدمات التعليم العالي، وفي الآونة الأخيرة زاد الطلب على التعليم العالي وزادت تعقيدات العملية التعليمية والاستيعاب وأصبح هناك إدراك أكبر لأولياء الأمور والطلاب لأهمية التعليم العالي وهو ما يستدعي وضع العديد من الحلول السريعة لمعالجة الأوضاع والطلب المتزايد في أوساط المواطنين على خدمات التعليم العالي. وهذا أدى إلى وضع اللوائح المنظمة للتعليم العالي ورسم سياسة توسعية أدت في منتهى الأمر إلى افتتاح العديد من الجامعات السعودية الجديدة، وهو ما أدى بطبيعة الحال إلى التعرف على التحديات ووضع الحلول المقترحة لها. ومنذ عام 2005 حتى 2010 كان هنالك دعم كبير للتعليم العالي من القيادة السياسية والتزامات كبيرة على الجانب المادي لخدمة التعليم العالي وبرامجه ومؤسساته، ولذلك أصبح أمامنا تطور ضخم وكبير في منظومة التعليم العالي في الملكة ورأينا توزعا كبيرا على المستوى الأفقي لتقديم الخدمات لمختلف المناطق وهو ما أدى إلى تعزيز مستوى الخدمة، ورأينا أيضا توسع كبير في برنامج الملك عبد الله للابتعاث الخارجي، إذ تم زيادة طاقته الاستيعابية لتتجاوز أكثر من مائة ألف مبتعث، بالإضافة إلى ذلك زيادة الإنفاق ليصل إلى أكثر من مائة مليار ريال على خدمات التعليم، وكما ترون المملكة تتجه في تعليمها نحو العالمية بناء على الأسس والمقاييس العالمية لبناء مجتمعها على أساس معرفي، ووزارة التعليم العالي تود أن ترى المزيد من الجامعات السعودية تحصل على اعتماد لبرامجها التعليمية وتُحقق نمو في مجال البحث العلمي المتقدم حسب المعايير العالمية، وزيادة نسبة المؤسسات التعليمية العليا السعودية التي تحقق رسالتها في خدمة المجتمع وتحقق الأهداف التي بنيت لها، بالإضافة إلى استدامة وتنويع التمويل لمؤسسات التعليم العالي السعودي. ولذلك طورت المملكة خطة التعليم العالي للأعوام الـ 25 سنة القادمة "آفاق"، والتي بدأت منذ 5 سنوات ونرى كيف أن الخطة تعمل على الربط بين الطموحات بالموارد وقدرات الاقتصاد الوطني، حيث لا يمكننا أن نقرر كيف يكون المستقبل لكن يمكننا أن نرسم طموحات دقيقة بشأن الوصول إليه، ولا يمكننا أن نحدد كيف سيكون مستقبل أبنائنا لكن نعمل على مساعدتهم لتحقيق مستقبل أفضل. ولذلك فإن وزير التعليم العالي أصر على أن تكون الخطة مرنة وديناميكية في طريقة عملها وأن تكون قابلة للتحديث كل فترة، والآن أترك المجال للدكتور محمد العوهلي لمواصلة الحديث عن آفاق تطوير التعليم العالي، فل يتفضل. شكرا لكم جميعا.
الجامعات السعودية: دراسة لنظام في مرحلة التطور
محمد العوهلي
وكيل وزارة التعليم العالي للشؤون التعليمية

ابتداء أشكر اللجنة المنظمة، وقد تشرفت بالاستماع لما قدمه معالي الوزير صباح هذا اليوم؛ إذ وضع الخطوط العامة لما يمكن تناوله في هذه الخطة، والحديث أيضا عن كيف يمكن هيكلتها وربطها بالتقنيات والآليات التي يمكنها أن تنقل التعليم إلى واقع أفضل، بالإضافة إلى التركيز على العنصر البشرى الذي سيحقق وينفذ هذه الخطة ويحولها إلى واقع دون نسيان للدور الذي تلعبه جميع عناصر العملية التعليمية، والمبادئ والأساليب التي تتناولها الخطة وضَعت في حسبانها الأنظمة السائدة المختلفة عند بناء هذه الخطة، فاستفدنا من الممارسات الأفضل على مستوى العالم لتبنى الأنسب منها لنظامنا التعليمي المحلى، ثم بنينا السيناريوهات التي تناولناها بحذر شديد وعناية كبيرة للتأكد من مواءمتها للظروف السائدة أو التي قد تحدث في المستقبل عند تنفيذ هذه الخطة، وذلك لردم الهوة ما بين تلك الظروف وما بين الواقع السائد، وما يمكن للخطة أن تحققه بكونها طموحة. تناولنا الجوانب والخيارات المتاحة أيضا عند وضع الخطة وكيفية تنفيذها والآليات اللازمة لتحقيق ذلك. وقبل إنهاء هذا المشروع قامت وزارة التعليم العالي بتنفيذ جزء كبير منها، إذ لم تُستكمل الخطة إلا وجزء لا بأس به منها قد تم البدء فيه، وهذا يعكس مدى ارتباط الرؤية بالتنفيذ إلى حد كبير. وقد قدر لنا أن نقيس حجم التقدم في تنفيذ الخطة، وهو ما قاد في الحقيقة إلى النظر في ما عملته الوزارة وما حققته قبل إعلان الخطة، وهذا البعد تشكر عليه الوزارة ويقدر لها.
وكما أشرت سلفا بأن هذا ليس مشروع مستقل بذاته بل هو مشروع ديناميكي يرتبط بالقيادة الأكاديمية ويرتبط بترشيد الموارد وإدراك القدرات المتاحة التي يمكنها أن تنعكس في نظام تعليمي مرن ومتطور بشكل وصورة مستمرة، وهو ما نراه الآن. والخطة في الحقيقة ترتبط أيضا بموائمة أهداف المؤسسات التعليمية لتحقيق ما تصبوا إليه الدولة من خلال برامجها الجامعية، وكما ذكرت سابقا أن المفتاح لهذا المشروع هو أنه عملية وليس منتج؛ فنحن عملنا على أساس أن هذه الخطة عملية مستمرة خاضعة للتعديل والتبديل والتطوير وهو ما أدى إلى رفع درجة الاستفادة من الابتكارات والأفكار المطروحة في مجال عملنا، وقد أتاح لنا هذه المشروع دراسة 76 نظام تعليم عالٍ من مختلف دول العالم، وقمنا بموائمة مشروعنا مع البرامج الدولية لنتعرف كيف يمكن أن نحدد موقعنا من تلك الأنظمة التعليمية على المستوى العالمي، وهو ما أدى إلى وضع خطة متميزة مبنية على نظرة شاملة من خلال الاستفادة من تلك الأنظمة المختلفة التي تمت دراستها وتعلمنا منها الكثير. وقد شملت الدراسة لوضع الخطة الولايات المتحدة الأمريكية، فنلندا، أمريكا الجنوبية، وأستراليا، وماليزيا لرسم الأبعاد الأساسية "لخطة آفاق".
وترتكز هذه الخطة على ثلاثة أبعاد: البعد الأول هو بعد التمايز، والمقصود بذلك التمايز في المنظمات والمنظمات التعليمية وتحقيق التخصص للجامعات لخدمة الدولة وتحقيق أهدافها وإعطاء المدخلات اللازمة للوصول بها إلى مخرجات متميزة. الثاني هو التوسع: والمراد من ذلك الوصول إلى خدمات التعليم والتوزيع الأفقي المناسب والملائم لمختلف مناطق المملكة، وزيادة التدفق الطلابي إلى مؤسسات التعليم العالي وتعزيزها، بالإضافة إلى التعليم المستمر والمبادرات التعليمية بطريقة إيصال خدمات التعليم؛ كالتعليم عن بعد والتعليم الالكتروني وتوزيع البرامج المختلفة على مختلف الأطر، بالإضافة إلى الجودة التي تمثل العنصر الثالث من هذا المثلث؛ حيث نسعى إلى تحقيقها على مستوى البرنامج والمؤسسات التعليمية والسعي من خلال ذلك على إدخال عناصر الجودة في كل تفاصيل العملية التعليمية لضمان وصول الجودة إلى ما نصبو إليه، من أداء المعلمين أو أساتذة الجامعات.
النظام التعليمي السعودي له رؤية طموحة تسعى إلى تحقيق نظام تعليم عالٍ على جودة عالية تقود إلى تنافس عالمي في مجال الاقتصاد المعرفي، هذه المهمة جعلت مؤسسات التعليم العالي تسعي إلى تحقيق التمايز في تقديم خدماتها، والجودة العالية في الاستفادة من التقنية من خلال ثلاث قنوات لتقديم خدمات أو مخرجات متميزة على مستوى الموارد البشرية، والإسهام الكبير في المجال العلمي أو البحثي، وفي النقطة الثالثة تقديم خدمات على مستوى عال من الجودة. يدخل في منظومة التعليم العالي مدخلات مختلفة وهي تقود إلى تطور الآليات التي تتعامل بها الجامعات مع هذه المعطيات المتباينة وبالتالي هذا يتطلب من الجامعات أن تعمل بطرق خلاقة وفاعلة تستفيد من مواردها جميعا وتضع الآليات المناسبة لإيصال هذه الخدمات التعليمية بالطريقة الصحيحة والملائمة للمستفيدين. ونرى هنا كيف أن المملكة تشهد نمو هذه المؤسسات لخدمة احتياجاتها، والإستراتيجيات العامة للتعليم العالي تقوم على هذه الجوانب الثلاثة المهمة، وبالتالي قاد هذا إلى تأسيس الجامعات السعودية لخدمة الطلاب على أساس مناهج محددة وباستخدام وسائل متنوعة ومتميزة تعكس رؤية "آفاق" الإستراتيجية لمؤسسات التعليم العالي التي تعمل بها. وهنا نرى كيف وُضِعت التفاصيل لتنفيذ هذه الخطة. إن الأهداف المحددة والإطار العام لهذه الإستراتيجية سيعكس في المرحلة القادمة الرؤية التي تقف خلفها لتشخيص مشكلات التعليم وكذلك مشكلات الممارسة، وتقديم الحلول من خلال الاستفادة من التجارب الدولية ووضعها موضع التنفيذ لتعكس إصلاحا أفضل لمؤشرات التعليم وممارساته، وهو ما نعتقد أنه سيتحقق من خلال هذه الخطة آخذين في الاعتبار الفترة الزمنية المطروحة لها، والمخاطر التي ربما تحدث أثناء تنفيذها.
هذا وصف لآلية التنفيذ و الإستراتيجية التي سَتُتبع لإنفاذ الخطة، وترجمتها إلى واقع عملي ملموس في مؤسسات التعليم العالي السعودية كافة، بما فيها التخطيط للإدارة وإشراك المستفيدين في العملية التخطيطية، ومعرفة مدى ما حققته الخطة بالنسبة لاستيعاب الطلاب منذ عام 2001 ، إذ إن نسبة القبول وصلت حتى الآن إلى مليون ومائة وخمسون ألف طالب وطالبة، وهذا يعكس نسبة نمو تصل إلى 166% خلال 10 أعوام، كما أن نسبة الطلاب إلى أعضاء هيئة التدريس هي 9 إلى 21 من أعضاء هيئة التدريس، وكان هناك نمو في هذه الأرقام كما ترون على الشاشة، إن هذا الرقم ينمو بشكل كبير بالنسبة لنمو مؤسسات التعليم العالي، وتستطيعون أن ترون كيف تواصل هذا النمو خلال 10 سنوات. ويعكس هذا الرقم أكثر من21 كلية طب و600 كلية في الإجمال تضمها 32 جامعة في مختلف المناطق.
لكن ما المبادرات التي تم تنفيذها حتى الآن وأصبحت جزءا من نظام التعليم العالي؟ أصبح هناك مركز للقياس والتقويم من أجل قياس مدخلات التعليم العالي، وكذلك الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي، والمركز الوطني للتعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني، ومركز البحوث والدراسات في وزارة التعليم العالي، ومركز القيادة الأكاديمية، إضافة إلى صندوق التعليم العالي، ومركز إحصاءات التعليم العالي، ومركز الترجمة الذي يشهد التأسيس خلال هذه المرحلة، وهنالك أيضا قنوات التعليم العالي الفضائية التي تنقل هذا الحدث وتبث هذا المؤتمر حيا. ويبدو في واقع الأمر أن الحاجة ماسة إلى تنفيذ هذه الإستراتيجية لربط البرامج التدريبية بواقع هذه الكليات.
وهناك حاجة لربطه البرامج المتعددة بجوانب الخطة وتعزيز أدائها على مستوى الجامعات لأن ذلك مرتبط أيضا بما حققته الوزارة في خطتها. أما ما يعلق أيضا في جانب نقل التقنية فقد سعت وزارة التعليم العالي إلى ربط برامجها وجهودها البحثية بنشاط تسجيل براءات الاختراع والدعم البحثي الذي نمى منذ عام 2010 بهذا الشكل الكبير، وخصصت له ميزانيات كبيرة في ميزانية الجامعات للأعوام المالية الأخيرة، وهذا يشمل جميع الجامعات السعودية. وهناك برنامج الريادة العالمية الذي شهد ربط الجامعات السعودية باتفاقيات زادت على أكثر من 400 عقد خدمات بين الجامعات السعودية وبين نظيراتها من الجامعات العالمية؛ إذ حققت الجامعات كثير من التقدم في هذه البرنامج، إضافة إلى النمو المطرد في برنامج الملك عبد الله للابتعاث الخارجي.
كل ما سبق الإشارة يقدم لنا تصورا متكاملا عن كيف ينتقل نظام التعليم العالي بخطته الحالية إلى الأمام، ويعكس نسبة الانجاز المتحققة بجانب التطور الذي نلحظه ونحن نرى أن البنى التحتية في نمو مستمر مما يعين الجامعات السعودية على تحقيق خططها والانتقال بأنظمتها التعليمية إلى مواقعها الجديدة التي تشهد تطورا متميزا من خلال الإشراف المباشر من وزارة التعليم العالي عليها، والدعم اللامحدود للنهوض بها على الوجه الأكمل. وشكرا جزيلا لكم.

ليست هناك تعليقات: